Posted by: motagally | جويلية 31, 2016

كراملة بالشطة

أكلات تركية

في كل شركة أو مكان عمل نجد شخص مميز جدا يعتبر مفتاح العمل وعمود الشغل يستند عليه المالك أو المدير بشكل كبير بل أن غياب هذا الشخص يسبب أرتباك كبير وتعطيل عجلة الانتاج. هؤلاء الاشخاص مفاتيح العمل يتميزون بطاقة ونشاط مميز غير متوافر في باقي الموظفين بل أنهم يتصرفون وكأنهم أصحاب العمل يخافون علي كل كبيرة وصغيرة ويعمل لهم الف حساب, لا يتصنعون ولا يمثلون بل أنهم مخلوقين بجينات مختلفة ودماء حارة تؤهلهم لهذا المركز وموضع الثقة.

في أجازة هذا الصيف وقع الأختيار علي هوتيل كبير رائع علي البحر مباشرة في تركيا, يقدم هذا الهوتيل كل ما تتمناه من خدمات ومأكولات ومشروبات ما لا يخطر علي قلب بشر.
بعد تناول الفطار التركي المميز بعشرات الفطائر مع عشرات أنواع الجبن والبيض واللحوم المجففة مع الزيتون والسلطات الطازجة والفواكه علي امتداد البصر نهاية بالبقلاوة والبسبوسة والكنافة نحتسي القهوه التركي علي حافة حمام السباحة. في تمام العاشرة ينطلق صوت مدوي يدعوا الزوار الي تمارين الصباح في حمام السباحة الكبير على أصوات الموسيقى التي تشجع الزوار علي الرقص والنشاط. قائد التمارين شاب أسمر اللون تركي مفتول العضلات يطلقون علية كابتن مصطفى في الثلاثين من عمره يقوم بعمل حركات رياضية راقصة والجميع يتبعونه وهو يتكلم بثلاث لغات لشرح الحركات وتشجيع المتدربين. بعد أنتهاء التدريبات تبدأ فقرة المسابقات المائية لتسلية الزوار لمن يريد المشاركة وتوزيع جوائز رمزية للفائزين ومن لا يريد الاشتراك يستلقي مستمتعا بالمشاهدة أو يذهب الي شاطئ البحر الرملي ويقضي يوما سعيدا بعيدا في مياه البحر المتوسط.

الغداء يتكون من عدد كبير من أصناف اللحوم والسلطات المعروفة والغير معروفة بعد ذلك نعود من جديد لمن يريد علي ضفاف حمام السباحة الكبير وهذة المرة مسابقات والعاب للأطفال والقائد أيضا مصطفى الذي أختار الاغاني بعناية لشد انظار الأطفال وتشجيعهم علي الانخراط بحماس في الالعاب والمسابقات. مصطفى هذا يراقب كل شئ ويتحكم في فريق هائل من الموظفين, فمنهم من ينظم ويرتب ومنهم من يقف بجوار الاطفال ليساعدهم أو يشجعهم ومنهم من يتولي أمر الموسيقي والسماعات ومنهم من يقف حارسا مستعدا للقفز في المياة لانقاذ أي شخص يتعثر أو يتعرض للغرق. يكفي أن يحدث لخبطة خفيفة في الموسيقي أو التنظيم حتي يقفز مصطفي بأصابع مدربة ويصلح كل شئ ويشير بيده لمساعدية كانه يقود فرقة موسيقية يحركها بأشارات من أصابعه. بعد الألعاب والمسابقات يتم توزيع الايسكريم لكل الاطفال.

بعد ذلك فترة راحة الظهيرة بما تتضمنه من حلويات وقهوة ومشروبات كحولية. البطيخ والشمام قاسم مشترك أعظم في كل الفترات وكل المراحل.

بعد ذلك فترات النشاطات المختلفة بعيدا عن حمام السباحة مثل الحمام التركي أو ركوب الزوارق او الغوص وماشابه.

بعد ذلك فترة العشاء بما يتضمنة من لحوم مشوية أبرزها الخاروف المشوي والدولما التركية او كما نطلق عليه بالمصري المحشي بكل انواعة.

الآن جاء دور الكبار في الاشتراك بالمسابقات والالعاب ومن هو قائد الالعاب؟ بالطبع مصطفي الذي يبدو أنه يجيد كل شئ في هذا الهوتيل ويتقن كل اللغات. الحقيقة هذه هي أصعب فترة لأن اقناع الكبار بالصعود علي خشبه المسرح ليس بالأمر الهين ويتطلب قوه أقناع وأمكانيات خاصه تتوفر عند مصطفي هذا خاصة وأن الزوار من كافه الاعمار ومختلف الجنسيات, فها هو يقنع الزوجات بأن يمثلوا علي خشبة المسرح كيف ينام أزواجهن وكيف يصدرون أصوات الشخير بالليل وكيف يستيقظون ويأكلون وهاهو يقنع الرجال بالافصاح عن عادات زوجاتهم في شراء الملابس وطهي الطعام وكيف يتشاجرون. الحقيقة هذا المصطفى نجح تماما في شد أنظار الجميع وأندماجهم بشكل يثير الاعجاب فعلا. بعد توزيع الهدايا والتصفيق الحاد يتحول المسرح فجاة الي مرقص وتتغير الديكورات وتأتي أضواء الديسكو ويزاح الستار عن ماكينات تشغيل الاغاني وأختيار التشكيلة الموسيقية المناسبة للمشاركين وأعمارهم ومن ياتري يقوم بهذا العمل المعروف بالديجي؟ أنه أيضا مصطفي الذي غير ملابسه لملابس لامعة تناسب الديسكو والاضواء الخافتة.

تاخر الليل وشربت آخر كأس ويسكي وأعتقدت أن اليوم أنتهي عند هذا الحد وكدت أن أتحرك لغرفتي راضيا سعيدا بهذا الهوتيل المميز الا أني لاحظت حركة غريبة تحدث علي المسرح وتغيير في الاضواء والديكورات وبدأت تتجمع العائلات التركية التي لم يكن لها أي حضور ظاهر طوال اليوم اذ أن المشاركين كلهم كانوا من الاجانب الاوربيين, أغلبهم من المانيا والدانمرك وروسيا. تملكني الفضول وجلست من جديد حتي أعرف ماذا سوف يحدث والساعة قاربت علي منتصف الليل واذ بالستارة تنزاح ونرى ديكورات تركي وجو تركي أصيل ومغني تركي يمسك بالعود ويرتدي الطربوش ويغني مواويل تركية آمان يالالالي والاتراك في حالة نشوة وطرب كبيرة ويغنون مع المغني وفي أيديهم الشيشة والشاي التركي الاصيل. المواويل التركي ليست من اهتماماتي فتركت الاتراك يغنون وتحركت في أتجاه حجرتي والقيت النظر علي المغني التركي وياللعجب….انه مصطفى. هذا المصطفى واضح انه يعرف كل شئ ويعمل كل شئ؟ انه لم يجلس منذ الساعة العاشرة صباحا حتي بعد منتصف الليل يغني بحماس وأتقان تام في عزف العود.

مصطفي جعلني أعيد النظر في أمور كثيرة فالحقيقة يجب أن  يوجد مصطفي في كل شركة وكل مكان.  نصيحة مني: لو شركتكم ليس بها مصطفى أنزل وأبحث في كل مكان ولا ترتاح الا عندما تجده، راجعت مكان عملي فعرفت فورا من هو مصطفي عندنا, انها كراملة…كراملة التي تعمل كل شئ ويعتمد عليها الجميع كصمام أمان ودينامو الشركة بكل معني الكلمة, كراملة التي هي مديرة مبيعات في الاصل تراقب كل شئ حتي في خارج مجال عملها في أقسام أخرى ولاتترك مخلوق يرتكب خطأ في العمل الا وهي تقف علي رأسة لاتهدأ الا والعمل يسير مثل الساعة السويسري, عند وجود كراملة نشعر بالامان ونعرف ان الخطأ غير موجود في شركتنا. أن أهمل عامل النظافة في تنظيف المكتب تاخذ كراملة المكنسة وتقوم بالتنظيف أمامه وتكسفه وتقول له باللهجة اللباني (هيك بدك تعمل, افتهمت؟) وأن أهملت السكرتيرة في الرد علي التليفون تقوم هي مندفعة وترد علي التليفون وتقول للسكرتيرة (ايش نسوي لو الزبون راح منا علشان حضرتك مشغولة تفقسي بيض؟) فهمت فيما بعد أن تعبير (تفقسي بيض) معناه قاعده مكانك زي الفرخة اللي ترقد علي البيض ليفقس كتاكيت.

لو السائق تاخر في موعيدة تقول له (وشك مثل طرقاية الصرماية) يعني انت لا تخجل وليس عندك احترام لعملك

كم من مرة أشتكي منها الموظفين وقامت القيامة في العمل وتدخلت للصلح ولكن الحقيقة لم اجد مخلوق لا يحترمها ولايبحبها لما هي عليه من ولاء وتفاني في العمل ومساعدة للجميع, بل أنها تتذكر مواعيد أعياد الميلاد ولاتفوت فرصة الا وتقدم الهدايا لمن يحتفل بمناسبة سعيدة أو حزينة, ان نسيت أنا عيد ميلاد موظف تأتي الي غاضبة وتقول (الموظفين دبان عندك؟) يعني هل لموظفينك من مكانة عندك أم أنهم كالذباب؟ .

 وينتهي الخلاف دائما بالضحك والسرور ويقول أكبر الموظفين سنا: الا تعرفوها ياسادةً؟ معقولة؟ أنها كراملة بالشطة


أضف تعليق

التصنيفات